إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، سبتمبر 28، 2011

محاولة التقاط صورة تاريخية



رجل وامرأة، يجلسان في صخب جماعي،
ونظراً لموقعهما المواجه للجميع، فقد استحقا لقب العريس والعروس.
كل هذا عادي ومُكرر، قد يُصيبنا بالتخمة الذهنية، أو تداعي الأسى عن امرأة طالما حلمنا بها جوارنا في مشهدٍ مُماثل. كل هذا أيضاً من الممكن أن يتبدد وتراكم خبراتنا مع خيبة الأمل، والانتهاء من سيجارتنا الأولى الصباحية!
الشاب والشابة يجلسان في مواجهة الجميع، ونظراً للمُجاملات الاجتماعية المعهودة، يتقدم أي أحد، صديق أو شخص ما، مُبتسماً وفي يده كاميرا، يريد أخذ بعض اللقطات للرجل الشاب والمرأة الشابة ــ مباراة الرجولة والأنوثة لم تحسم نتيجتها بعد ــ هنا يمتثل كلاهما لأوامر المُصوّر، في البداية يكتسبان قوة أمام الجميع نظراً لأهمية ما يحدث، باعتبارهما مركز الحدث، ثم ينفذان فقط أوامر هذا الغريب، دون مسئولية منهما.
فهناك خجل عام، قد يتوارى خلف بعض التلامسات غير المقصودة،
والتعليقات المُعادة، وكل الكلمات التافهة، التي لا تحتمل أية دلالات
سوى تفاهتها. والضحكات على لا شيء، وكل منهما ــ الولد والبنت ــ
يفكر في أشياء أخرى تماماً تزيد من توترهما، أكثر من الصخب الذي يلفهما.
... يلمس الولد البنت، مواجهاً الجميع، مُستظلاً بسُلطة الصورة،
يلف يده حول المرأة التي ستكون، وتزداد ابتسامته، تبتسم الفتاة بدورها، لتستمد الشجاعة مثلاً، أو تداري خجلاً تريد الاحتفاظ به للرجل الذي سيكون بعد قليل!
السلطة هنا مازالت معهما ضد الجميع، حتى أن الفتى كاد أن يحتضن الفتاة.  
هنا ...
يتدخل المصوّر
ليوضح للطفل الساذج أن اللعب مع طفلته البريئة ليس بهذه الطريقة ــ هنا يتخلى الفتى عن سلطته للحظة ــ حتى يلتقط لهما صورة تليق بهما وبحبهما الأبدي.
"يا صغيري ...
هكذا .. يدك هنا/لا/هنا/ كما أضع يدي/إفعل مثلي/بالضبط .."
بينما ملامح الطفلة التائهة، التي تواجه جمهورها بابتسامات بلهاء، من فوق كتف المصور، أو من خلف رأس طفلها الضال، أصبحت تتبادلها أربعة أياد، يدان تائهتان، وأخريان مدربتان لأقصى حد.
هنا يتم الانتقال من سلطة الصورة إلى سلطة المُصور نفسه، دون أن يشعر أحد، فقد أوهمهما بالخلود، وأن وسام اللهفة الذي سيطالعهما كشاهد فوق حائط ذكرياتهما، لن يذكرا منه بعد ذلك سوى شكل وملامح وكلمات المُصوّر، الذي تواترت أوامره في قداسة، لطالما تمنوا نسيانها!!