إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، سبتمبر 25، 2013

أُخرج في موعد مع فتاة تحبّ الكتابة


أُخرج في موعد مع فتاة تحب الكتابة. أُخرج في موعد مع فتاة لم يسبق لك أن رأيتها في ملابس نظيفة تماماً، بسبب قهوتها التي تحملها معها دائماً، وبسبب بقع حبر قلمها، ولديها مشاكل دائمة في ترتيب غرفتها، وجهازها المحمول ليس مُملاً على الإطلاق لأن داخله كلمات كثيرة، وعوالم كثيرة، تتحرك أمامها في الهواء. تقرأ في شاشتها صفحات مليئة بالغرابة. وترى في الأسفل أيقونة أغنية مشهورة وهي ترقص في أذنها. تراقبها وهي تقرأ عن تاريخ كاثرين العظيمة، وعن خلود قناديل البحر. تضحك بشدّة حين تخبرك أنها نسيت تنظيف غرفتها، وملابسها مبعثرة حول أغلفة الكتب. وتعتذر منك وتخبرك أنها ستحتاج وقتاً أطول لتنزل إليك. وأن حذاءها مخبّأ أسفل جبل من الأقلام المكسورة التي كانت تحتفظ بها منذ أن كان عمرها ١٢ سنة.
قبّلها أسفل عمود الإنارة عندما تمطر السماء، واخبرها عن تعريفك للحب.


 
 

إبحث عن فتاة تحب الكتابة. ستكتشف أن لديها حس فكاهة عالي/أنها متعاطفة وحنونة لدرجة بالغة/أنها ستحلم وتبتكر عوالم وأكوان كاملة لأجلك. هي التي تملك الظل الضعيف أسفل عينيها، هي الفتاة ذات رائحة القهوة والكوكاكولا وشاي الياسمين الأخضر. هل رأيت تلك الفتاة، ظهرها متقوّس باتجاه مفكرتها الصغيرة؟ تلك هي الفتاة الكاتبة. أصابعها ملطخة أحياناً بالجرافيت والرصاص، وبالحبر الذي سيسافر إلى يدك عندما تتشابك مع يدها. هي لن تتوقف أبداً عن تذكّر المغامرات .. مغامرات الخونة والأبطال، مغامرات الضوء والظلام، الخوف والحب. تلك هي الفتاة الكاتبة. لا تستطيع أبداً مقاومة ملء صفحة فارغة بالكلمات، مهما كان لون الصفحة.

 
هي الفتاة التي تقرأ بينما تنتظر قهوتها أو شايها. هي الفتاة الهادئة بموسيقى صاخبة في أذنها. وإذا اختلست النظر إلى كوبها ستجد أنه أصبح بارداً، لقد نسيته تماماً كما تفعل دائماً.
وإذا رفعت رأسها وتذكرت أخيراً، اعرض عليها أن تطلب لها كوباً آخر. سوف ترد لك جميلك هذا بقصصها التي تكتبها لك. وإذا أغلقت جهازها المحمول، أعطها رأيك في تولستوي، واخبرها عن أفضل نظرياتك حول هانيبال وعبوره الكبير لجبال الألب. حدّثها عن شخوصك، عن أحلامك، واسألها إذا كانت انتهت من كتابة روايتها الأولى.

من الصعب أن تخرج في موعد مع فتاة تحب الكتابة. لكن كن صبوراً معها. اهدها كتباً في عيد ميلادها، ومذاكرات جميلة للكريسمس ومناسبات العام، فواصل للكتب، والكثير جداً جداً من الكتب. أعطها هديّة الكلمات، دعها تشعر أنك خلفها في كل خطوة على الطريق، رغم التقاطعات الخادعة والماكرة بين الحقيقة والخيال.

سوف تعطيك فرصة
لكن لا تكذب عليها. لأنها سوف تفهم ما وراء كلماتك. سوف تكون مُحبطة جداً لأنك تكذب عليها، لكنها ستتفهم. ستتفهم أنه أحياناً حتى الأبطال يفشلون، وأن النهايات السعيدة تتطلب وقتاً. هي واقعية. وليست عجولة أبداً، ستتفهم بأن لديك أخطاء. ستقدّس أخطاءك، لأن الفتاة التي تكتب تفهم معنى الحبكة. وتفهم أن النهايات يجب أن تحدث، مهما كانت سعيدة أو حزينة.

الفتاة التي تحب الكتابة لا تتوقع الكمال منك، لأن قصصها غنيّة بالتحولات، وشخصياتها متعددة الأوجه بسبب عيوبها الكثيرة المثيرة للاهتمام. هي تفهم أن الكتاب الجيد لا يجب أن يكون مليئاً بالشخصيات المثالية. أن الأشرار والأخطاء التراجيدية هي ملح الكتب. الفتاة التي تحب الكتابة ستتفهم أنك بشر وأن أخطاءك واردة.

كن رفيقها، كن حبيبها، كن حلمها، كن عالمها

إذا وجدت فتاة تحب الكتابة، فحاول إبقاءها بالقرب منك. إذا وجدتها مستيقظة عند الثانية صباحاً، تكتب بشراسة وأضواء الشاشة تنير وجهها، ضع اللحاف بلطف على ظهرها حتى لا تصاب بالبرد. إصنع لها كوباً من الشاي، واجلس بجانبها. قد لا تنتبه لوجودك أصلاً وتغادرك إلى عوالمها البعيدة داخل الكتابة، لكن هذا سيستغرق دقائق فقط، ثم ستعود إليك ممتلئة بالكنوز. وأنت ستؤمن بها في كل لحظة، وأنتما أمام ضوء الشاشة، لا يستطيع أحد أن يقوم بقهركما في هذا الظلام المقدّس.

هي شهرزادك. عندما تخاف من الظلام سوف تقودك من يدك، كلماتها تتحول إلى مصابيح، إلى أضواء ونجوم وشموع تقودك عبر أكثر أيامك ظلاماً. ستكون هي الفتاة التي ستنقذك. سوف تسرقك بعيداً على متن منطادها الهوائي، وستكون مسحوراً بها. هي مؤذية وهي لعوب، ولكنها هادئة. وعندما تضطر لقتل شخصية من شخصياتها المحبوبة في القصة، وعندما تبكي، احضنها وأخبرها أن كل شيء سيكون على ما يرام.

سوف تتقدم أنت لطلب يدها للزواج. ربما على قارب وسط المحيط،/ربما في كوخ صغير بجبال الأبلاش/ربما في نيويورك/ربما شيكاغو/بالتيمور. ربما خارج مبنى دار النشر التي تعاقدت معها. لأنها مشرقة ومتوهجة في أي مكان تذهب إليه. ربما حتى خارج السينما حيث كانت قبلتكما الأولى تحت المطر. ستخبرك أن كل هذا مكرر ومستهلك، لكن التماعة عينيها ستخبرك بالحب داخل قلبها والجنون الذي تخفيه عنك. سوف تبتسم أنت بشدة عندما تتحدث معك، قلبك سوف ينسى نبضة أو نبضتين حين تمسك بيديك وتكتب القصص عن حياتك وحياتها. سوف تقترب منك كثيراً وتحتضنك، سوف تخبرك بالأسرار في أذنك. هي لطيفة وتحبك، تذكر هذا. هي صنعت نفسها بنفسها، وهي رائعة الصنع. قد يكون اختيارها لأسماء أطفالكما سيئاً، ولكنك سوف توافق.

الفتاة التي تحب الكتابة ستحكي لأطفالك قصص بارعة الجمال والسحر
لأن هذا هو أجمل ما تملكه. لديها الخيال، ولديها الجرأة، وسيكون هذا كافياً. سوف تنقذك في محيطات حلمها. ستكون فارستك، وستكون عالمك، في انحناءة ابتسامتها، في اللون البندقي لعينيها، في الكلمات التي تنهمر منها كالسيل، كالموجة، ساحرة إلى درجة تجعلك تخسر أنفاسك لصالحها، هي الفتاة التي تحب الكتابة. ربما لا تكون متقنة تماماً لقواعد اللغة، لكن لا بأس بذلك.

أُخرج في موعد مع فتاة تحب الكتابة لأنك تستحق هذا. هي ظريفة ومتعاطفة، غامضة بعض الأحيان. ولديها حياة مليئة بالألوان أكثر من أي فتاة أخرى.

الفتاة التي تحب الكتابة تفهم الواقع. ستغيظك في بعض الأوقات، وربما يصل بك الأمر لكرهها، وربما تكرهك هي أيضاً. لكن الفتاة التي تحب الكتابة تفهم طبيعة الإنسان، وتفهم بأنك ضعيف. لن تتركك في منتصف الليل وتركب القطار عند أول لحظة تبدأ فيها الأمور بينكما بالتداعي. سوف تفهم أن الحياة ليست كالقصص، لأنها بينما هي منهمكة في كتابة قصصها، هي تعيش معك في الحياة.

أُخرج في موعد مع فتاة تحب الكتابة ...
لأنه لا يوجد شيء أفضل من الخروج في موعد مع فتاة تحب الكتابة.


* المؤلف مجهول
* ترجمة/محمد الضبع
عن موقع "معطف فوق سرير العالم"