الثورة العربية اشتعلت، ولا احد يستطيع إنكار ذلك، رغم انظمة الحكم العربي القمعية، وأذيالها التي مازالت في البلاد التي نجحت بها الثورة مبدئياً بشكل او بآخر، كما الحال في تونس ومصر. ورغم استماتة باقي الأنظمة العربية التي تشتعل بها الثورة الآن، كالبحرين وليبيا واليمن، هذه الأنظمة التي لا تتورع عن قتل شعوبها ضمانة لبقائها، وهي العاجزة عن رؤية حتمية التاريخ. ولكن الخوف من تلون السلطة رغم الغباء المطلق الذي تتميز به، فهي لن تفلح طوال تاريخها سوى في هذا التلون. فنتائج ثورتي تونس ومصر لم تحسم بعد. وأذيال السلطة البائدة فيهما لم تزل تتشكل وتداهن الجماهير ببيانات وإجراءات شكلية ليس أكثر. وكل ما نخشاه هو أن تتحول الثورة العربية كثورة تشيكسلوفاكيا المعروفة بربيع براغ. فلتفادي انتشار "الاشتراكية ذات الوجه الانساني" التي كان يدعو لها قائد الحزب الشيوعي التيشكوسلوفاكي حينها الكسندر دوبشك، مبدأ "السيادة المحدودة" التي كانت تمنحها موسكو للدول التي تدور في فلكها في اوروبا الشرقية. سحقت قوات الاتحاد السوفياتي وأربع دول من حلفائها في معاهدة وارسو "ربيع براغ" في أغسطس 1968، وبعد أقل من ثلاثة أسابيع اجتاحت ثلاثين فرقة سوفياتية مدعومة بوحدات بلغارية ومجرية وبولندية وألمانية شرقية، تشيكوسلوفاكيا، ليبدا احتلال دام عشرين سنة حتى عام 1989. وسط لا مبالاة الغرب، الذي أصدر بيانات الشجب الهزلية، كما يحدث الآن بصدد ما يدور في الدول العربية. هل تستطيع الدول العربية انتظار كل هذه السنوات مرّة أخرى لتتحقق ثورتها. وهل لنا الوثوق في أذيال النظم التي أسقطها الشعب، والتي تلعب بمصائره الآن، متخذة من قرارات وإجراءات لا تشفي طوق هذا الشعب للحرية والديمقراطية التي يرجوها، ودفع أرواحاً ثمناً لها؟ على هذه الشعوب ألا تنخدع في هؤلاء، مهما كانت المؤسسة القائمة على تنفيذ الوعود. وعلى الشعوب العربية الأخرى ألا تخاف نظمها الكاريكاتورية، فهي جوفاء وترتجف من جموع الشعب. سلطة هشة لا تملك إلا الحيلة، وكسب الوقت، لوأد هذه الثورات في مهدها. فالثورة مستمرة، ولا ولن تنتهي، حتى لا نقع في فخ ربيع براغ عربي، أصبح أقرب إلينا الآن من أي وقت مضى. فهل نفعلها؟
إجمالي مرات مشاهدة الصفحة
السبت، فبراير 19، 2011
هل هو "ربيع براغ" عربي؟
الثورة العربية اشتعلت، ولا احد يستطيع إنكار ذلك، رغم انظمة الحكم العربي القمعية، وأذيالها التي مازالت في البلاد التي نجحت بها الثورة مبدئياً بشكل او بآخر، كما الحال في تونس ومصر. ورغم استماتة باقي الأنظمة العربية التي تشتعل بها الثورة الآن، كالبحرين وليبيا واليمن، هذه الأنظمة التي لا تتورع عن قتل شعوبها ضمانة لبقائها، وهي العاجزة عن رؤية حتمية التاريخ. ولكن الخوف من تلون السلطة رغم الغباء المطلق الذي تتميز به، فهي لن تفلح طوال تاريخها سوى في هذا التلون. فنتائج ثورتي تونس ومصر لم تحسم بعد. وأذيال السلطة البائدة فيهما لم تزل تتشكل وتداهن الجماهير ببيانات وإجراءات شكلية ليس أكثر. وكل ما نخشاه هو أن تتحول الثورة العربية كثورة تشيكسلوفاكيا المعروفة بربيع براغ. فلتفادي انتشار "الاشتراكية ذات الوجه الانساني" التي كان يدعو لها قائد الحزب الشيوعي التيشكوسلوفاكي حينها الكسندر دوبشك، مبدأ "السيادة المحدودة" التي كانت تمنحها موسكو للدول التي تدور في فلكها في اوروبا الشرقية. سحقت قوات الاتحاد السوفياتي وأربع دول من حلفائها في معاهدة وارسو "ربيع براغ" في أغسطس 1968، وبعد أقل من ثلاثة أسابيع اجتاحت ثلاثين فرقة سوفياتية مدعومة بوحدات بلغارية ومجرية وبولندية وألمانية شرقية، تشيكوسلوفاكيا، ليبدا احتلال دام عشرين سنة حتى عام 1989. وسط لا مبالاة الغرب، الذي أصدر بيانات الشجب الهزلية، كما يحدث الآن بصدد ما يدور في الدول العربية. هل تستطيع الدول العربية انتظار كل هذه السنوات مرّة أخرى لتتحقق ثورتها. وهل لنا الوثوق في أذيال النظم التي أسقطها الشعب، والتي تلعب بمصائره الآن، متخذة من قرارات وإجراءات لا تشفي طوق هذا الشعب للحرية والديمقراطية التي يرجوها، ودفع أرواحاً ثمناً لها؟ على هذه الشعوب ألا تنخدع في هؤلاء، مهما كانت المؤسسة القائمة على تنفيذ الوعود. وعلى الشعوب العربية الأخرى ألا تخاف نظمها الكاريكاتورية، فهي جوفاء وترتجف من جموع الشعب. سلطة هشة لا تملك إلا الحيلة، وكسب الوقت، لوأد هذه الثورات في مهدها. فالثورة مستمرة، ولا ولن تنتهي، حتى لا نقع في فخ ربيع براغ عربي، أصبح أقرب إلينا الآن من أي وقت مضى. فهل نفعلها؟
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق