إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، يونيو 23، 2013

عن فيلم ... "عطور الجزائر"


"عطور الجزائر" فيلم للمخرج "رشيد بن حاج"، والذي يسرد التحولات التي شهدها المجتمع الجزائري، منذ استقلاله عن الاحتلال الفرنسي عام 1962 وحتى الآن، فالشعب الذي خاض ثورته للتخلص من الاستعمار الفرنسي، ينتظر الآن معجزة ثورية أخرى للتخلص من المتأسلمين، الذين حوّلوا حياة الجميع إلى جحيم، حيث لا طوق للنجاة إما الموت وإما الهرب.

 


كريمة بعد 20 عام

كريمة التي هجرت بلادها منذ عشرين عام، واستقرت في باريس، تتلقى اتصالاً هاتفياً من أمها تطلب منها العودة، كمحاولة أخيرة لإنقاذ أخيها الأصغر (مراد)، المعتقل الآن، والذي يواجه الإعدام، لما قام به من جرائم ضد الأبرياء، هو وبعض المتشددين. تتذكر كريمة الأخ المُسالم في ما مضى، وكيف أن قسوة الأب هي التي أودت به إلى هذا المصير. الأب الذي يرقد بإحدى المستشفيات، وتتردد كريمة في زيارته، ولكنها تسارع بالوصول لزيارة أخيها لتكتشف الفاجعة. يُلاحظ أن الأب صاحب السلطة القاسية يُعد من جيل ثوار التحرير، هذا الجيل الذي خلص البلاد من سلطة المستعمر، ليحل هو محلها، وينتج عن خلاله جيل آخر متشدد، يحاول نسف كل مكاسب الثورة ومظاهرها المادية الحضارية، وهو الفخ الذي تسقط به معظم الثورات الكبيرة، وقد ألمح الفيلم بذكاء إلى هذا الجيل، وأنه الآن ــ كرد فعل أقسى ــ يرقد محتضراً في غيبوبة، ولا يستحق حتى الزيارة.

 بلاد الكُفار

 وبعد معاناة تصل كريمة إلى أخيها، وكحالة كل المتشددين، تندهش بأنها لم تعد تعرف الشخص الذي تحادثه، فهو يصفها بأنها باعت دينها في بلاد الكفار، وهي تريد أن تعرف منه السبب الذي يجعله يقتل آخر مثله، وتنهار في النهاية عندما يبوح لها برسالته في الحياة، بعدما رفض التوقيع على وثيقة يتخلى بمقتضاها عن العنف مقابل الإفراج عنه، كل ذلك في سبيل "تحرير البلاد من أعداء الله"، وهم بالطبع أبناء الوطن الذي يخالفون متأسلمينه في الرأي!

ماضيّ مرسوم فوق ساقي

جيل كريمة الذي فرّ من روائح البارود والموت، ظن أن تاريخه سيهجره، بمجرد هجرة الجسد، ولكن إحدى قريبتها الشابات (سامية)، التي تمثل الجيل الجديد، توضح الأمر لكريمة، التي ترفض المشاركة في مظاهرة للنساء، يحاولن خلالها المطالبة بحقوقهن، وتصر على عدم الفائدة من بلد لا رجاء منه، وتحاول إقناع سامية بالهجرة، لكن الأخيرة ترفض، وتجد معنى وجودها في مواصلة النضال. وفي مشهد جيد تحاول سامية أن تشرح لكريمة وجهة نظرها في الماضي الذي يلازم صاحبة ... تكشف سامية عن ساقيها التي ألقى عليها متشدد ماء النار لأنها ارتدت جوب قصيرة. فغير المحجبات مستهدفات على الدوام، لذا لم تعد تستغرب كريمة من رؤيتها ابنة أخيها ــ التي لم تتجاوز الخامسة ــ مُحجبة.

حلم الحرية من جديد

تقوم كريمة بزيارة أخيرة لأخيها، مصطحبة زوجته وابنته الطفلة، ويكون (مراد) قد وقع بالفعل على وثيقة نبذ العنف، ولكن لهدف آخر هو اللحاق بالمجاهدين في الجبال. هؤلاء أنفسهم هم مَن قاموا برمي السيارة بالرصاص، وهم في رحلة العودة من الزيارة، لتسقط زوجة مراد قتيلة برصاصات أصدقاء زوجها، وتعود كريمة بمفردها مع ابنة أخيها الطفلة، لينتهي بعدها الفيلم بمظاهرة للنساء، لم تتردد كريمة هذه المرّة بالمشاركة فيها، حاملة ابنة أخيها وسط هتافات النساء ... "الجزائر حرة .. ديمقراطية".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق