إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، نوفمبر 16، 2010

فيلم "رجم ثريا" ... سيرك الدولة الدينية!



"رجم ثريا" فيلم أميركي عن قصة حقيقية
حدثت أواسط الثمانينيات، وقد قام
ا
لكاتب الصحافي الفرنسي الإيراني الأصل
"
فريدوني ساهيبجام" ــ ابن السفير الإيراني السابق لفرنسا والذي صدر حكم الإعدام بحقه في إيران بتهمة انتقاد الحكومة الإيرانية في كتاباته، إذ عاش في الخفاء في فرنسا إلى أن توفي العام قبل الماضي ــ بوضع كتاباً بنفس عنوان الفيلم عام 1994، هذا الكتاب كما الفيلم يقدم وصفاً لقصة رجم إمرأة بريئة في إيران، وكيف أن القوة الباطلة قادرة على تطويع الكل في سبيل إضفاء الشرعية الدينية على كل أفعالها.
وجاء الفيلم ليستعرض قسوة الحياة، في ظل الدولة الإسلامية الإيرانية، بعدما قام الخميني بثورته، وأسس دولته الدينية، وأصبح رجال الدين هم من يقومون بسن القوانين وتنفيذها، بحجة تنفيذ شريعة الإسلام، وبالطبع فمعظم رجال الدين، وسلطاتهم التي يغتصبونها باسم الدين والشرع تتنافى ومبادئ الحق والعدالة الإنسانية، وما حدث ولم يزل في دولة مثل إيران، من الممكن أن يحدث في أية دولة تحاول أن تسلم أمورها إلى المتأسلمين.

القمع الذكوري
ترفض ثريا الطلاق من زوجها، وهي ام لطفلتين وصبيين، ليس حباً في الزوج، ولكنه مصدرها الوحيد للإنفاق، إلا أن هذا الزوج يريد التخلص منها، والزواج بأخرى لا يزيد سنها عن أربعة عشر عاماً، وهي ابنة سجين سياسي محكوم عليه بالإعدام، فما كان من الزوج الذي يعمل سجاناً
ــ لاحظ عمل الزوج ونطاق سلطته ــ إلا عقد صفقة مع هذا السجين، مقابل ابنته الصغيرة، وهو شكل آخر من أشكال قمع المرأة، واستغلالها. ونظراً لأن شيخ القرية كان صاحب ملف أسود أيام شاة إيران، وزوج ثريا يعرف عنه الكثير، ويعرف الآن تستره بالدين، فهو يستغله ليحاول أن يقنع ثريا باسم الدين أن تترك زوجها يطلقها، على أن يقوم الشيخ بمصاحبتها، وإقامة علاقة معها، مقابل أن ينفق عليها هي وبنتيها، فالعامل الاقتصادي هو المشكلة في الأساس، في هذا المجتمع القمعي، وحينما ترفض ثريا، يدبران لها مؤامرة ــ الزوج ورجل الدين ــ بأن يوفرا لها عملاً لدى رجل أرمل وابنه الصغير، ثم يلفقا لها تهمة الزنا مع هذا الرجل، الذي يهدده وزجها ورجل الدين أنهما سيورطانه في القضية إذا لم يشهد عليها، والزوج سيقوم بتربية ابن الرجل في السجن، ليتحمل خطأ الأب.
من ناحية أخرى يقوم الزوج باحتقار ثريا، وابنتيه، ويذكر لولديه أن الحياة للرجل فقط، ولا توجد أية أهمية للمرأة، فينظر الولدان إلى أمهما واختيهما على أنهما أقل قدراً ومنزلة، كائنات هامشية، لا فائدة منها سوى خدمة الرجل وتلبية رغباته.

الدولة في خدمة المتأسلمين
من ناحية أخرى، هناك حاكم القرية، ممثل سلطة الدولة التنفيذية، ولكنه رجل مضطرب وخائف دائماً، ولا يستطيع أن يقف ضد رجل الدين، وهو يمثل أجهزة الدولة بالكامل، فالرجل الدين الذي يستطيع أن يشحن العامة والغوغاء باسم الدين والشريعة، وحينما يُترك له المجال لذلك، متحدثاً بالآيات القرآنية، ومُبسملاً قبل كل فعل يقوم به، حتى ولو كان مصدره الشيطان، يعرف أن الغوغاء تحت سيطرته، أملاً في جنة موعودة، يؤونه إليها مرشدهم الأول، وبغياب العقل تغيب الدولة وأجهزتها، وتصبح سلطاتها في يد مثل هؤلاء من المتأسلمين. ممثل سلطة الدولة المتراخي أمام قوة رجل الدين، والذي يريد من الله أية علامة كعلامة على براءة ثريا، ولكن فرقة من المهرجين يأتون لحظة الرجم، ليجدوا سيركاً منتصباً، أقامه مهرجون أكثر منهم مدعاة للسخرية. ومهرجي السيرك المتنقل هم من شهدوا الواقعة، وقاموا بإلقاء الغطاء فوق جثة ثريا، الممنوع دفنها في الأرض الطاهرة المسلمة! وعندما تعترض خالة ثريا "زهرة" وتواجه حاكم القرية، يقول له أن تحترس لكلماتها، فهي لم تعد تحيا في عصر الشاة، حتى تقول ما تريد، وأن الحياة تغيرت. زهرة هذه هي التي ستسعى لنشر حكاية ثريا، من خلال الاعتراف لصحفي إيراني فرنسي، يمر بالقرية مصادفة لإصلاح سيارته. وهو ربط درامي للعمل، من خلال مؤلف القصة.

الرّجم

رغم
اختلاف البعض حول شرعية عقاب الزانية المحصنة في الاسلام بالرجم أو بالجلد كما جاء في قول الله تعالي في سورة النور"الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلده ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ", أو كما جاء في سورة النساء في قوله تعالي "واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم ، فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت ، حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا". أو من خلال الأحاديث النبوية المُفسرة، رغم درجة القوة والضعف في إسناد هذه الأحاديث، كل هذا إذا ثبتت فعلاً هذه الجريمة، وقد وضعت لها الآيات القرآنية شروطاً قاسية، حتى لا يتم تلفيقها.

ويعتبر مشهد الرجم ــ في الجريمة الملفقة ــ من أفضل وأقوى مشاهد الفيلم، والفيلم بالكامل من خلال خطوطه الدرامية يحيلنا إلى هذا المشهد، فاستعراض القسوة، وبالتفاصيل الدقيقة، لامرأة لم ترتكب فعلة الزنا في الأساس، وسط مجتمع متخلف، ومتعطش لإثبات التطهر من الذنب، وتبعاً للقواعد فالأقربون أولى، ليقوم الأب بتوجيه الحجارة إلى ابنته، ولكن تخونه قواه، وحينما تقول أمها إن الأحجار لم تصب ابنتها، فهي علامة على البراءة، يصمت الجميع، فيستجمع زوجها حقده ويوجه إليها الأحجار التي تصيبها، فيهلل الجميع "الله اكبر .. الله أكبر"

اعتراضات وجوائز
على الرغم من مساندة تركيا لإيران في أزمة ملفها النووي، لاحت مؤخراً بوادر أزمة بين أنقرة وطهران على خلفية عرض فيلم رجم ثريا، الذي بدأ عرضه في دور السينما في مختلف أنحاء تركيا. إلا أن مؤسسة الرقابة أكدت أنه ما من مانع من عرض الفيلم، باستثناء ضرورة التنويه لعرضه للكبار فقط، قائلة إن القرار التركي أدى الى عدم ارتياح واستياء الجانب الإيراني. كل ذلك رغم ما حققه الفيلم من إنجاز، سواء على المستوى الدرامي أو التقني، مما أهله للحصول على عدة جوائز عالمية، منها جائزة مهرجان تورنتو السينمائي وجائزة مهرجان لاس فيجاس وجائزة "اختيار الجمهور". الفيلم من إنتاج 2008، ومن إخراج سايروس نواراستي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق