إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، ديسمبر 30، 2010

فيلم "2048" .... إسرائيل مجرد وثائق ومقابر وتذكارات في محل فلسطيني!



فقط مائة عام هي كل عُمر دولة إسرائيل (1948ــ 2048) وستصبح أثراً من آثار التاريخ، مجرد ذكرى مشوشة في عقول من عاصروها. ليتحول حلم تيودور هرتزل إلى وثائق متربة تتحدث عن دولة كانت، ومقابر مندثرة في أماكن متفرقة، ولاجئين في دول العالم يحلمون من جديد بالعودة إلى الأرض الموعودة.
هكذا يرى الفيلم العبري "2048" لمخرجه "يارون كفتوري" زوال الكيان الإسرائيلي عن العالم، فإسرائيل ستأكل نفسها، وستصبح مجرد عاديات أثرية في متجر رجل فلسطيني يحكي عن تاريخ قديم لم يعرفه أحد، وقد عاد الفلسطينيون إلى أراضيهم وإقامة دولتهم، حسب دورة التاريخ وحتميته.


عالم الكوابيس
الكيان الصهيوني القائم على المجازر واحتلال الأراضي الفلسطينية، وجهاز مخابراتي يحكم دولة تدّعي الديمقراطية، بالإضافة لجرائم الاغتيالات المنظمة لكل مناهضي ومعارضي هذا الاحتلال داخل وخارج إسرائيل. كل هذا جدير بزوال هذا الكيان المسمى دولة، فالفيلم يرى أنها دولة بوليسية في الأساس، كما أن مشكلاتها الداخلية المتأصلة، والتي لا تحب إسرائيل ذكرها وكأنها من التابوهات، هي التي ستقوّض هذا الكيان وتفنيه. فالفساد المستشرى لدى الفئة الحاكمة، والنزاع الطائفي العلماني، والمعاملة السيئة للعمال الأجانب، والتفاوت الطبقي الصارخ، كلها أسباب كافية لتدمير إسرائيل ذاتياً، ليصحو العالم ذات يوم ويبحث عن اسم إسرائيل في متحف التاريخ، بعد مائة عام من كابوس ثقيل كان يجثم على ضمير هذا العالم.

إسرائيل مجرد ذاكرة تتآكل
من خلال خيال توثيقي يحاول مخرج إسرائيلي (يوجو نيتزر) في عام 2048 البحث عن إسرائيلي الشتات الجديد، بعدما دُمرت إسرائيل وانتهت تماماً، ولم تعد باقية فقط إلا في ذكريات مَن شهدوا نهايتها وعاصروها.
وعن طريق حوارات مُتخيّلة يحاول الفيلم اكتشاف أسباب ما حدث، وشعور هؤلاء بعد زوال دولتهم. وهنا لا يوجد إلا قِلة من الناس تروي حكاياتها بالعبرية واليديشية ــ لغة الأشكينازــ عن كيفية طرد العرب  لليهود، وإقامة الدولة الفلسطينية. وشهود العيان هؤلاء، والمشتتين في عدة أماكن كقبرص وغيرها، استشعروا خطر زوال دولتهم، ففروا هاربين، ليواصلوا حلماً قديماً بمجرد فقط العودة إلى أرض الميعاد، والعيش كأقلية مسالمة وكرعايا في الدولة الفلسطينية.

تبدأ حكاية الفيلم بعثور المخرج  الشاب في عام 2048 على شريط ل
فيلم وثائقي، قام جده بتصويره عام 2008، في الذكرى الستين لتاسيس الكيان الصهيوني، وما كان عليه من صلف وتعنت، ليسرد الواقع الإسرائيلي الحالي من وجهة نظر الماضي، وبالعودة إلى العام 2048 اللحظة الراهنة للمخرج، وبالمقابل لا يجد من إسرائيل التي كان يشاهدها كما صورها جده  سوى .. مقابر تشهد على وجودهم في ما مضى، وبعض الجرار الفخارية التي تحتفظ برماد موتاهم، وقسم مهجور للدراسات الصهيونيّة في مكتبة برلين يعلوه التراب ولا يقتربه أحد، وكأنهم لا يريدون تذكّر هذا التاريخ البائد. إضافة إلى متجر لبيع التذكارات في فلسطين، حيث يقوم فلسطيني ببيع السائحين آثار تاريخ كان ولن يعود.

حتمية زوال إسرائيل
يرى مخرج الفيلم وكاتبه "يارون كفتوري" أن اليهود اليوم لا يزالوا يعيشون على تقاليد الصهيونية البالية، ويحيون على أساطير تاريخية لا أساس لها من الصحة،
فالصهيونية عيوبها كثيرة وأبرزها الانشغال المفرط بالذات، والتعالي ورفض الآخر. وهي بهذا الشكل عبارة عن مجرد محاولة إيديولوجية فاشلة، مصيرها إلى زوال. فيقول "إسرائيل اليوم مختلفة تماماً عن حالها قبل عدة عقود حينما أردناها دولة ديمقراطية وليبرالية، فصارت شوفينية لا تؤمن إلا بالقوة".

والمخرج الذي عارض من قبل احتلال الأراضي العربية عام 1967، يرى الآن أن الخطر الداخلي داهم وأشد من مخاطر إيران والعرب وغيرها من التهديدات الخارجية.

فالفيلم رغم الصورة القاتمة التي يصورها لمستقبل إسرائيل ما هو إلا رؤية  من خلالها يحفّز المشاهدين على ضرورة تغيير الوضع القائم داخل هذا الكيان المتأزم.

ويضيف كفتوري إنه محب للتاريخ ولذا فهو لا يستطيع أن يتهرب من حقيقة أن الأيام دول, موضحاً أنه بعد نقاط الذروة والانتشاء تأتي سنوات من الضربات والطرد والجلاء, وكل ذلك في دائرية تعود على نفسها، والإسرائيليون ليسوا خارجها.
الجدير بالذكر أن الفيلم والذي مدته خمسين دقيقة، قد عرض مؤخراً ضمن "مهرجان القدس السينمائي"، رغم تعارض صارخ في الآراء، ما بين مهاجمة شديدة، خاصة من قِبل اليمين والمتطرفين اليهود، حتى أن القنوات الإسرائيلية قد رفضت بث الفيلم تحت ضغط سيطرة اليمين المتشدد، إلا أن بعض الأصوات العاقلة داخل إسرائيل رأت في الفيلم أنه يسرد نتائج حتمية لواقع شديد القلق والاضطرب.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق