حضر صديقي القديم،
الذي سأختار له حرفاً مُشفراً لا يدل البتة على اسمه الحقيقي،
سأطلِق عليه س،
وبالتالي يكون قد حضر إليّ صديقي القديم س لدعوتي إلى حفل خِطبته،
فاندهشتُ لأن فكرة الخِطبة هذه لم تكن في حُسبانه على الإطلاق،
وشعرتُ برائحة مؤامرة ما قد دبّرها في سِرّه قبل المجيء إلي.
ذكرَ أنه قبل التفكير في الخِطبة، وتماشياً مع مُنجزات العلم،
قد قرر هو والتي ستكون خطيبته الذهاب لإجراء اختبارات الزواج
في أحد المراكز المُنتشرة هذه الأيام،
تجنباً الوقوع في خطر الأمراض الوراثية أو عامل ريساس.
قال إن التي ستكون خطيبته قد أكمَلت الاختبارات قبله،
وانتظرته في غرفة أو طُرقة ضيقة حتى ينتهي.
وقد طلب منه الطبيب لتحليل وفحص قدرَة الحيوانات المنوية
أن يقوم بالاستمناء، فلا حياء في الطب، وأن ذقون الشيوخ والقساوسة
من الممكن وضع لافتة عليها الهلال وهو يُعانِق الصليب
ستصعد حتى عيونهم، مُخالفة بذلك قانون الجاذبية، فتبيح للصديق س
إجراء هذه العادة المُحرّمة مرّة واحدة فقط.
الآن . . تنتظره التي ستكون خطيبته في طُرقة ضيقة، بينما هو
يستجمِع في صعوبة تحت وهج المصباح المضيء في شراسة،
حتى يتيح لحيواناته الخروج كماً من المشاهد التي جمعها
من أعضاء ولفتات جاراته وصديقاته والتي ستكون،
وحتى قريباته المُحرّمات عليه.
وعند نقطة مُعينة أصابته بالهلع والاختناق خرجَتْ الحيوانات المُباركة في ارتباك أدهشه !
هذه المخلوقات التي طالما خرجتْ فكان مصيرها البالوعة،
وفي بعض الأحيان كانت الملابس الداخلية تمارس الرحمة،
فتحنو عليها وتمتصها
لتبتسم أمه في سِرّها كلما أدارت مفتاح تشغيل الغسالة.
إلا أن ارتباكها الآن المخلوقات قد تضاعف،
أولاً بسبب وطأة الإلحاح والطلب،
وثانياً لأن مصيرها سيكون تحت مِجهر وعين طبيب لن يبتسم أبداً.
وخرج س وهو يُغلق بيده الباب خلفه ويُمسك بالأخرى مخلوقاته،
مواجهاً خطيبته أو التي ستكون، وهي تجلس في طُرقة ضيقة،
لتلمَح وجهه محمرّاً، ليس من خجلٍ ولكن من معاناةٍ شديدة،
فلم تتمالك نفسها رغم عِلمَها التام بما حدث،
لأن التي ستكون قد تسرّبت إليها الإثارة وهي مكانها في طُرقة ضيقة،
حينما فكّرتْ أنه منذ دخوله الحجرة حجرة الكشف قد بدأ في تعريتها،
فخلع عنها ملابسها وتلمّسها، حتى عَبَرَتْ حيواناته بسلام،
لم تتمالك نفسها عندما رأته في تلك اللحظة مُحمر الوجه،
فابتسمت في باديء الأمر، بينما هو يُحاول أن يداري تجربته
حتى أنقذه الطبيب منها.
لم تستطع التماسُك وقد ازدادت ابتسامتها كلما اقترب منها س،
وما أن استقر جوارها حتى انتابتها هستيريا الضحك.
هذه الضحكات العالية التي تآلفَت وزادت من احمرار وجه المسكين،
ليس خجَلاً مما فعَل،
ولكن لأن الجميع كانوا يُمَجْهِروْنَه قبل دخوله الحجرة ووقوفه على
منصّة الفحص ليُفرز أبناءه بناءً على طلب الجميع، حتى يكون
بمنأى عن الخطر.
لنفحص عملية الاستمناء هذه، وهي عملية قد قام بها س مئات المرّات
قبل المرّة المشئومة، فقد كان يشدّ خيط الصور فقط بدايته
لتتراءى له وتلح عليه، مع التشجيع والتحفيز الهائل من جانب الخفاء
الذي كانت تتم فيه المسألة أوالعملية.
الخفاء الذي كان يجعل س يواجه الآخرين بكل رزانة واحترام،
بعدما تأكد تماماً أنه ترك مخلوقاته في أماكن
لن يستطيع التاريخ ذِكْرها بعد ذلك.
أمامنا الآن السيد س في حالتين . . حالة المجهر وحالة الخفاء/
ولنتمتع بمساحة أكبر من رحابة الصدر ونحن في عصر الديمقراطية
والسماوات المفتوحة، مع مُلاحظة أن
كلمة المجهر = السماوات المفتوحة،
وكلمة الديمقراطية = الخفاء،
ذلك في حالة السيد س فقط.
ووفق مبدأ الفحص . .
لنتخيّل أن الزعيم الراحل طِيلة حياته وأثناء فترة صخبه كان
يُمارس الاستمناء، وهو لا ينتمي إلى الاستمناء السيني
نسبة إلى السيد س، لكنه نوع من الاستمناء يمكن أن نُطلِق عليه
( الاستمناء السياسي ) والذي عن طريقه كان توتر الزعيم الراحل
يهدأ فيُمكنه مواجهة الآخرين برزانة ورباطة جأش وأحياناًً بتهور،
بعدما يكون قد وضع مخلوقاته في أماكن لن يتذكرها التاريخ أبداً،
فيظل دائماً على مقدرة من مواجهة الآخرين، وإحكام سيطرته عليهم،
حتى لو مات أو رحل أو انتهى.
هذه هي حالة الخفاء.
ويأتي الرئيس الراحل ليُطالبه الجميع بالاستمناء سياسياً تحت
الأضواء وأمام الكاميرات والميكروفونات، فكانت حالته بالضبط
كحالة السيد س، والمسماة بحالة المجهر
فكان لابد وأن يَحْمَرّ وجه الرئيس الراحل نظراً لشدة حرارة الأضواء
والفلاشات المُزعجة، كما أن مخلوقاته في هذه الحالة لن يُهملها التاريخ،
لذلك/
حينما بدأ في وضعهم فوق منصّة الخطاب انفجر الجميع بالضحك.
وقرر المحللون السياسيون لا الأطباء
أن الرجل ليس في استطاعته إلا أن يكون مُهرّجاً،
فتعالت الضحكات هذه الضحكات كانت على العكس تماماً
من ضحكات التي سوف تكون خطيبة صديقي القديم س
الضحكات التي جعلت كاتباً سياسياً أقرب إلى الروائي يتخذ دائماً
شكل البوق أن يؤلف كتاباً يقترب من الخمسمائة صفحة يصف
فيها شكل وصوت تلك الضحكات !
إن مشكلة الرئيس الراحل تكمُن فيما يُسمى
بـ ( المُصادفة المُباغتة )
فبعدما تمت العملية تحت المجهر وخرجَت المخلوقات إلى المنصّة،
ارتفع الضحك، وهنا . . اهتز قليلاً أي الرئيس الراحل
فاصطدمَت يده بالمنصّة، فتراقصَتْ مخلوقاته، وتمايلت بجمال أمام عينيه،
حتى أنه قد انبهر ولم يعد يصدق نفسه، وقد أرجع ذلك
أولاً إلى العوامل المجهرية من أضواء وعدسات تصوير
وميكروفونات وخلافه، وثانياً إلى صوت الضحكات الذي جعله يهتز
ويصطدم بالمنصّة، لتتراقص مخلوقاته أمام عينيه،
فلم يعد يرى الضحكات أو يسمعها إلا في شكل تصفيق حاد/
التصفيق الذي جعله يتجه مُباشرة نحو مصيره، ويسقط بين
مخلوقات أخرى أشد شراسة وأكثر منه مُدعاة للضحك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق