إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، ديسمبر 24، 2010

من أحلام نجيب محفوظ



(1)

جاءني شخص في المنام ومد لي يده بعلبة من العاج قائلاً:
- تقبل الهدية.
ولما صحوت وجدت العلبة على الوسادة.
فتحتها ذاهلاً، فوجدت لؤلؤة في حجم البندقة.
بين الحين والحين أعرضها على صديق أو خبير وأسأله:
- ما رأيك في هذه اللؤلؤة الفريدة؟
فيهز الرجل رأسه ويقول ضاحكاً:
- أي لؤلؤة... العلبة فارغة....
وأتعجب من إنكار الواقع الماثل لعيني.
ولم أجد حتى الساعة مَن يصدقني.
ولكن اليأس لم يعرف سبيله إلى قلبي.

(2)


هذه محكمة وهذه منضدة يجلس عليها قاض واحد وهذا موضع الاتهام يجلس فيه نفر من الزعماء وهذه قاعة الجلسة، حيث جلست أنا متشوقاً لمعرفة المسئول عما حاق بنا، ولكنى أحبطت عندما دار الحديث بين القاضى والزعماء بلغة لم أسمعها من قبل، حتى اعتدل القاضى فى جلسته استعداداً لإعلان الحكم باللغة العربية، فاسترددت للأمام، ولكن القاضى أشار إلىّ أنا ونطق بحكم الإعدام، فصرخت منبها إياه بأننى خارج القضية وإنى جئت بمحض اختيارى لأكون مجرد متفرج، ولكن لم يعبأ أحد بصراخى.

(3)

تأبطت الجميلة الشابة ذراعي، ووقفنا أمام بيّاع الكتب الذي يفرش الأرض بكتبه، ورأيت كتبي التي تشغل مساحة كبيرة. وتناولت كتاباً وقلبت غلافه، ففوجئت بأنني لم أجد سوى ورق أبيض، فتناولت كتاباً آخر وهكذا جميع الكتب لم يبق منها شيء. واسترقت النظر إلى فتاتي فرأيتها تنظر إليّ برثاء.


(4)

اشتقت لرؤية أهلي فانتقلت من فوري إلى البيت القديم، وهالني بأن أجده غارقاً في الظلام كأنهم استأنسوا بالظلمة، فناديتهم معاتباً رجلاً رجلاً وامرأة امرأة، ولكن لم يجبني أحد.. رجعت أكرر النداء حتى دمعت عيناي.



(5)

على سطح بيت قريب رأيت أثاثاً يُرتب وينمق، فسألت. قيل لى إن صاحب ذلك البيت حوّل بيته إلى معهد ثقافى بالمجان قانعا بالمعيشة فوق السطح، فأعجبت به وأكبرته وعزمت على حضور بعض دروسه ووجدت المكان غاصاً بالبشر وقال الرجل إن درس اليوم سيكون عن الثور الذى يحمل على قرنه الأرض. وصدمنى قوله بشدة ففرت منى ضحكة ساخرة، فاتجهت نحوى الوجوه شاخصة بالغضب. أما الرجل فرمانى بنظرة عابسة وهو يشير صامتاً إلى باب الخروج.


(6)

رأيتني في حي العباسية. أتجول في رحاب الذكريات. وتذكرت بصفة خاصة المرحومة عين، فاتصلت بتليفونها ودعوتها لمقابلتي عند السبيل، وهناك رحبت بها بقلب مشوق واقترحت عليها أن نقضي سهرتنا في الفيشاوي. وعندما بلغنا المقهي خف إلينا المرحوم المعلم القديم، ورحب بنا، غير أنه عتب علي المرحومة عين طول غيابها، فقالت إن الذي منعها عن الحضورالموت. فلم يقبل هذا الاعتذار، وقال : إن الموت لا يستطيع أن يفرق بين الأحبة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق