"سر
المعبد" لثروت الخرباوي ... الإيهام بعمل كبير لعقل متهافت!
الكتاب دعاية غير مباشرة للجماعة لإثارة الفزع في نفوس الآخرين
من رحاب الدعوة إلى الفساد
"هل يطاوعني قلبي على أن أترك جماعة أحببتها، أتركها والفساد يعشش في رأسها..". هكذا يبدأ المؤلف في طرح سؤاله، ومنه نستنتج أن خطيئته الكبرى تكمن في حُسن نيته، وأن الجماعة في أفكارها الأولى حسب مؤسسها الأول "حسن البنا"هي ما جذبت المؤلف إليها، لكنها حادت عن الطريق حينما أراد المؤلف هجرها عام 2002، حينما عشش فيها الفساد حسب قوله. لكن المؤلف يذكر في مكان آخر بالكتاب أن دولة آل سعود كانت هي الدولة المثلى في فكر حسن البنا، والتي عن طريق استنساخ الحركة الوهابية هناك سيتيح له ذلك حُكم مصر!! ويرى أن جيل الإصلاح الذي يمثله "عبد المنعم أبو الفتوح"، كان يعيش في وهم الإصلاح من الداخل، لذا تركها هو الآخر!
فأبو الفتوح وهو إخواني صميم، ومرشح سابق للرئاسة، ويحاول تمثيل الوجه المعتدل من الجماعة حتى الآن. ونرى أنه اللاعب رقم 2، إذا فشل ممثل الجماعة في القصر الرئاسي، المدعو "محمد مرسي"، ولا أدل من ذلك في موقف أبي الفتوح المتلوّن، والذي كان ضد الإطاحة برئيس أتى عن طريق الانتخابات، ثم سفره ــ أبو الفتوح ــ إلى أميركا مؤخراً، والعودة للمناداة بانتخابات رئاسية مبكرة!! هذا في ما يخص جيل الإصلاح الذي يروّج له مؤلف الكتاب، بعد فشل مرسي ورفاقه في احتواء الموقف.
في لقاء المؤلف مع "الهضيبي" المرشد السابق للجماعة، حينما انتوى
الأول الخروج عليها ــ ظاهرياً ــ نرى الهضيبي يذكّره بمقولة إمامهم حسن البنا
"نحن جماعة انتظمنا في صف واحد، فإذا خرج منها واحد، لن يقول الناس خرج واحد،
ولكن سيقولون صف إعوج"، ثم يسترسل المرشد .. "نحن نتحالف مع مَن يستطيع
أن يقربنا من دوائر صنع القرار، وهذا دستور الجماعة".ما الجديد في هذا
الدستور، وقد تحالف مؤسسها الأول مع قوى الاحتلال وقتها، ولجأ إلى دولة آل سعود،
الذي أنشاها الاحتلال البريطاني نفسه، فهي أشياء بدهية معروفة، ولا تحتاج إلى
معابد وأسرار.
الماسونية
يرى الخرباوي تشابهاً كبيراً بين البناء التنظيمي للجماعة والحركة الماسونية العالمية، من حيث الدرجات في المعرفة في الانتماء للجماعة، ويستشهد بكتاب قديم للشيخ محمد الغزالي، ذكر فيه أن المرشد الثاني حسن الهضيبي ينتمي للماسونيين. بل يستشهد بمقالات لسيد قطب ــ الذي لم يزل يطلق عليه لقب الشهيد ــ بجريدة التاج المصري، وهي لسان حال الماسون وقتها، ولا تستكتب احد على صفحاتها، إلا وكان من الجماعة الماسونية.
فالماسونية دخلت الى الجماعة بل وجندت الكثير منها، لتحيد بها عن أغراضها، السلمية والدعوية أو "مسارها الوسطي المعتدل" كما يطلق عليها صاحب الكتاب، وأن تصبح داعية للعنف، تكفيرية وانقلابية.
وحتى لا يوصف كل فرد بالجماعة بهذه الأوصاف، فالأمر يقتصر على صفوتها، وأصحاب اتخاذ القرار بها، وهو ما ينأى عن المؤلف بالطبع.
الموقف من الآخر وخطة التمكين
بعد استتباب الأمر لمصطفى مشهور مرشداً للجماعة، أتى بمجموعة من الإخوان وقام بتوليتهم العديد من المناصب داخل الجماعة، على رأسهم محمد مرسي وخيرت الشاطر ومحمد بديع، إلا أن ما يلفت النظر هو موقف الحاج مشهور ــ كما ينادونه ــ من الآخر/المسيحي، فلا توجد مواطنة، لكنها دار الإسلام ودار الحرب، والرجل مقتنع تماما بهذه الفكرة، فهو .. يستنكر الزواج من المسيحيات، فهن مشركات في عُرفه، وإلقاء السلام على الأقباط، وصولاً إلى عدم جواز اشتراكهم في الجيش أو الشرطة، فكيف سيدافع عن الإسلام مَن لا يؤمن به! وبالطبع لا بد وأن تفرض عليهم الجزية وهو خير لهم!!
يرى الخرباوي أن مشهور ورفاقه الجدد، هم حلفاء الشيطان، وهم أساس فساد الجماعة، التي حادت عن طريقها، وقد تناسى كلماته عن حسن البنا وفكره في إنشاء دولة بقوة السلاح!
وأنهم كانوا على ثقة من قيام دولتهم، ووصولهم للحكم عام 2018، ولكن الظروف عجّلت بالأمر، ويختتم بأن محمد مرسي ومحمد بديع ومحمود عزت لا يرون الإسلام إلا من وجهة نظر سيد قطب، وأن خطة التمكين بعد ذلك ستتلخص في السيطرة على الجيش والقضاء والإعلام.
العلاقة بأميركا
بعد لقاء بعدد من أفراد الجماعة في السجن مع"د.سعد الدين إبراهيم"، الذي كان محبوساً وقتها في قضية تم تلفيقها بغباء نظام مبارك، طلب منه الإخوان إيصال صوتهم إلى الولايات المتحدة، وأن الجيل الجديد من الجماعة لقادر على التعامل مع أميركا، كان على رأس المفاوضين في السجن الإخواني "مختار نوح"، الذي فضّل أن يُقال إن عضويته قد تجمّدت، والذي تركها بعد ذلك، إلا أن الذين تواصلوا فعليا مع الولايات المتحدة هما خيرت الشاطر وعصام العريان.
فعن طريق أحد الأشخاص، الذي لا يفصح الخرباوي عن اسمه، يصل إلى مؤلف الكتاب خطاباً من أحد الأخوة يرجو بترتيب لقاء مع الأصدقاء/الولايات المتحدة وعصام العريان في بيروت، ويحدد صاحب الخطاب النقاط التي يجب التوافق حولها، وكذلك السياسات الجديدة التي لابد وأن تنتهجها الجماعة لتطمئن أميركا، منها ... الاعتراف بشرعية إسرائيل، والمحافظة على المعاهدات الدولية، وأهمها بالطبع (كامب ديفيد)، كما أن يتم التقارب ورجال الحزب الوطني، وعدم مساندة أية أعمال من شأنها زعزعة نظام الحكم/حكم المخلوع الخالي، وهو ما يُفسر عدم مشاركة الإخوان في الأيام الأولى من ثورة 25 يناير.
الهيكل التنظيمي والعمالة وثورة 25 يناير
يصرّح المؤلف بان الجماعة من حيث هيكلها التنظيمي تنقسم إلى عدة أقسام، فالإخواني يعمل من خلال منطقته، والقسم الذي ينتمي إليه، كالطلبة والمهنيين، أساتذة الجامعة، الدعوة، الأخوات، إلا أن هناك أقساماً كانت بعيدة عن أفراد الجماعة، كقسم الوحدات، وهو الخاص بأفراد الجيش والشرطة.
ويسترسل الكاتب كعادته، ويتعثر السرد في بلاغة مفرطة، كعادة العنعنة التي أدمنوها، ليكشف أن الكثير من أفراد الجماعة كانوا عملاء لجهاز أمن الدولة، لكن ما الجديد في ذلك؟!
إلا أن المؤلف كعادته يُناقض نفسه، ويريد أن يثبت وجهة نظرنا بأن كتابه بالكامل ترويج وترويع للجماعة ومنها، فيذكر أن قسم الوحدات، الخاص بأفراد الجيش، هو مَن قام بحماية ثورة 25 يناير، حينما نزل الجيش إلى ميدان التحرير وتحالف تحالفه ــ الكاريكاتوري ــ مع الشعب، وبالتالي .. فتصريحات "عصام العريان" بأن الإخوان كانوا مع الثورة من بدايتها هي تصريحات صحيحة!
الخلاصة ...
التناقض الصارخ في صفحات الكتاب يفضح صاحبه، بداية من كونه ضحية البراءة التي يتنفسها، وهذا هو عيبه الوحيد، وأنه انفصل عن الجماعة، حينما دب فيها الفساد وحادت عن أفكار مؤسسها حسن البنا، رغم كون البنا رأى ضرورة خلق جناح مسلح لفرض أفكار الجماعة بالقوة، وكان مثله الأعلى الكيان الذي أسسه سعود، بمشاركة محمد بن عبد الوهاب ورفاقه. وشعار الجماعة الذي ارتضاه البنا خير دليل، فلن تنتشر تعاليم الجماعة إلا من خلال القرآن الذي يحميه سيفان يكادا أن يتعانقان، وهو الشبيه إلى حد كبير بشعار الكيان السعودي!
الأمر الآخر .. هو العلاقة الوثيقة بين الجماعة وأميركا، وأن التخطيط لحكم مصر كان منذ زمن، وتم برعاية أميركية، وبالتالي لا أمل في الخلاص من حكم الجماعة، وهي فكرة ترهيبية لخصوم الجماعة داخل مصر، أكثر منها كشفاً لحقيقة بات يعرفها الجميع.
الأمر الأخير .. أن الجيش في قطاع كبير منه ينتمي للجماعة، وبالتالي اللجوء للجيش يعد أحد الأوهام الكبرى التي يعيشها البعض، هذا الجيش الذي لولاه لفشلت ثورة يناير ــ حسب ادعاء الخرباوي ــ فالجماعة إذن هي مَن قامت بالدور الحاسم، وفق ما يُسمى بالكتلة الحرجة، المتمثلة في الجيش.
هذا ما يريد الخرباوي تصديره، رغم خطابه الزائف بأنه منفصل عن الكيان الإخواني، وأنه كاشف وفاضح لسياساته ومخططاته.
والرد الوحيد على مثل هذه الأصوات التي ينتمي إليها سواء الخرباوي، أو رئيسه المُنتَظر عبد المنعم أبو الفتوح إن فلح، بأن الشعب المصري ليس كيان الإخوان، وأن الإخوان مجرد كيان دموي، لا يختلف أبداً عن كيان آخر يسمى بالـ "كيان الصهيوني"، وإن غداً لناظره قريب.
الكتاب دعاية غير مباشرة للجماعة لإثارة الفزع في نفوس الآخرين
طالعنا من قبل كتاب المحامي "ثروت الخرباوي" "قلب
الإخوان"، والمؤلف هو أحد أفراد الجماعة المرموقين، والذي انفصل عنها عام
2002، وتبادر لنا الشك بأن المؤلف لا يكشف أسرار الجماعة، بقدر ما يحاول أن ينفي
عنها تطرفها الذي طرأ عليها، وحادت عن الطريق الذي رسمه لها "حسن البنا"
مؤسسها الأول. إلا أن هذا الشك أصبح يقيناً، بعد مُطالعة مؤلفه الأخير "أسرار
المعبد"، الذي جعل من صاحبه نجماً من نجوم الفضائيات، ليوهم قاصري العقول
بأنه يكشف زيف الجماعة ومخططاتها للسيطرة على مصر، إلا أن الكتاب بكامله، الذي يقع
في 360 صفحة، والذي من الممكن اختصاره في عدة وريقات أشبه بأوراد الصباح والمساء،
التي يبيعها الجائلون في وسائل المواصلات، فاستعراض ثقافة المؤلف الواهنة،
والاستغراق المفرط في التشبيهات البلاغية، ونظام (العنعنة) الموروث، جعل من قراءة
الكتاب وتتبّع الفكرة التي يريد صاحبها إيصالها أمراً لا يُحتمل.
إضافة إلى تمجيد الذات، الذي تضخم بمراحل، عنه في الكتاب الأول، وصولاً إلى الكارثة الكبرى التي تم تأليف الكتاب من أجلها، فهو وإن كان في الظاهر يكشف حقائق الإخوان ــ وكلها معروفة سالفاً ــ إلا أنه يسعى لترويع القارئ، بأن هذه الجماعة لن يمكن الفكاك منها بحال من الأحوال، فلديها التخطيط والقوة العددية والعسكرية، التي ستستخدمها عاجلاً أو آجلاً، وهو مخطط كبير يسع العالم بالكامل، وليس مصر فقط، فعلينا إذن أن نستفيق من أوهامنا ــ هكذا يُلمّح صاحب الكتاب ــ وأن نستسلم لمصيرنا، ألا وهو ... العيش في ظل الإخوان!
إضافة إلى تمجيد الذات، الذي تضخم بمراحل، عنه في الكتاب الأول، وصولاً إلى الكارثة الكبرى التي تم تأليف الكتاب من أجلها، فهو وإن كان في الظاهر يكشف حقائق الإخوان ــ وكلها معروفة سالفاً ــ إلا أنه يسعى لترويع القارئ، بأن هذه الجماعة لن يمكن الفكاك منها بحال من الأحوال، فلديها التخطيط والقوة العددية والعسكرية، التي ستستخدمها عاجلاً أو آجلاً، وهو مخطط كبير يسع العالم بالكامل، وليس مصر فقط، فعلينا إذن أن نستفيق من أوهامنا ــ هكذا يُلمّح صاحب الكتاب ــ وأن نستسلم لمصيرنا، ألا وهو ... العيش في ظل الإخوان!
"هل يطاوعني قلبي على أن أترك جماعة أحببتها، أتركها والفساد يعشش في رأسها..". هكذا يبدأ المؤلف في طرح سؤاله، ومنه نستنتج أن خطيئته الكبرى تكمن في حُسن نيته، وأن الجماعة في أفكارها الأولى حسب مؤسسها الأول "حسن البنا"هي ما جذبت المؤلف إليها، لكنها حادت عن الطريق حينما أراد المؤلف هجرها عام 2002، حينما عشش فيها الفساد حسب قوله. لكن المؤلف يذكر في مكان آخر بالكتاب أن دولة آل سعود كانت هي الدولة المثلى في فكر حسن البنا، والتي عن طريق استنساخ الحركة الوهابية هناك سيتيح له ذلك حُكم مصر!! ويرى أن جيل الإصلاح الذي يمثله "عبد المنعم أبو الفتوح"، كان يعيش في وهم الإصلاح من الداخل، لذا تركها هو الآخر!
فأبو الفتوح وهو إخواني صميم، ومرشح سابق للرئاسة، ويحاول تمثيل الوجه المعتدل من الجماعة حتى الآن. ونرى أنه اللاعب رقم 2، إذا فشل ممثل الجماعة في القصر الرئاسي، المدعو "محمد مرسي"، ولا أدل من ذلك في موقف أبي الفتوح المتلوّن، والذي كان ضد الإطاحة برئيس أتى عن طريق الانتخابات، ثم سفره ــ أبو الفتوح ــ إلى أميركا مؤخراً، والعودة للمناداة بانتخابات رئاسية مبكرة!! هذا في ما يخص جيل الإصلاح الذي يروّج له مؤلف الكتاب، بعد فشل مرسي ورفاقه في احتواء الموقف.
دستور الجماعة
الماسونية
يرى الخرباوي تشابهاً كبيراً بين البناء التنظيمي للجماعة والحركة الماسونية العالمية، من حيث الدرجات في المعرفة في الانتماء للجماعة، ويستشهد بكتاب قديم للشيخ محمد الغزالي، ذكر فيه أن المرشد الثاني حسن الهضيبي ينتمي للماسونيين. بل يستشهد بمقالات لسيد قطب ــ الذي لم يزل يطلق عليه لقب الشهيد ــ بجريدة التاج المصري، وهي لسان حال الماسون وقتها، ولا تستكتب احد على صفحاتها، إلا وكان من الجماعة الماسونية.
فالماسونية دخلت الى الجماعة بل وجندت الكثير منها، لتحيد بها عن أغراضها، السلمية والدعوية أو "مسارها الوسطي المعتدل" كما يطلق عليها صاحب الكتاب، وأن تصبح داعية للعنف، تكفيرية وانقلابية.
وحتى لا يوصف كل فرد بالجماعة بهذه الأوصاف، فالأمر يقتصر على صفوتها، وأصحاب اتخاذ القرار بها، وهو ما ينأى عن المؤلف بالطبع.
الموقف من الآخر وخطة التمكين
بعد استتباب الأمر لمصطفى مشهور مرشداً للجماعة، أتى بمجموعة من الإخوان وقام بتوليتهم العديد من المناصب داخل الجماعة، على رأسهم محمد مرسي وخيرت الشاطر ومحمد بديع، إلا أن ما يلفت النظر هو موقف الحاج مشهور ــ كما ينادونه ــ من الآخر/المسيحي، فلا توجد مواطنة، لكنها دار الإسلام ودار الحرب، والرجل مقتنع تماما بهذه الفكرة، فهو .. يستنكر الزواج من المسيحيات، فهن مشركات في عُرفه، وإلقاء السلام على الأقباط، وصولاً إلى عدم جواز اشتراكهم في الجيش أو الشرطة، فكيف سيدافع عن الإسلام مَن لا يؤمن به! وبالطبع لا بد وأن تفرض عليهم الجزية وهو خير لهم!!
يرى الخرباوي أن مشهور ورفاقه الجدد، هم حلفاء الشيطان، وهم أساس فساد الجماعة، التي حادت عن طريقها، وقد تناسى كلماته عن حسن البنا وفكره في إنشاء دولة بقوة السلاح!
وأنهم كانوا على ثقة من قيام دولتهم، ووصولهم للحكم عام 2018، ولكن الظروف عجّلت بالأمر، ويختتم بأن محمد مرسي ومحمد بديع ومحمود عزت لا يرون الإسلام إلا من وجهة نظر سيد قطب، وأن خطة التمكين بعد ذلك ستتلخص في السيطرة على الجيش والقضاء والإعلام.
العلاقة بأميركا
بعد لقاء بعدد من أفراد الجماعة في السجن مع"د.سعد الدين إبراهيم"، الذي كان محبوساً وقتها في قضية تم تلفيقها بغباء نظام مبارك، طلب منه الإخوان إيصال صوتهم إلى الولايات المتحدة، وأن الجيل الجديد من الجماعة لقادر على التعامل مع أميركا، كان على رأس المفاوضين في السجن الإخواني "مختار نوح"، الذي فضّل أن يُقال إن عضويته قد تجمّدت، والذي تركها بعد ذلك، إلا أن الذين تواصلوا فعليا مع الولايات المتحدة هما خيرت الشاطر وعصام العريان.
فعن طريق أحد الأشخاص، الذي لا يفصح الخرباوي عن اسمه، يصل إلى مؤلف الكتاب خطاباً من أحد الأخوة يرجو بترتيب لقاء مع الأصدقاء/الولايات المتحدة وعصام العريان في بيروت، ويحدد صاحب الخطاب النقاط التي يجب التوافق حولها، وكذلك السياسات الجديدة التي لابد وأن تنتهجها الجماعة لتطمئن أميركا، منها ... الاعتراف بشرعية إسرائيل، والمحافظة على المعاهدات الدولية، وأهمها بالطبع (كامب ديفيد)، كما أن يتم التقارب ورجال الحزب الوطني، وعدم مساندة أية أعمال من شأنها زعزعة نظام الحكم/حكم المخلوع الخالي، وهو ما يُفسر عدم مشاركة الإخوان في الأيام الأولى من ثورة 25 يناير.
الهيكل التنظيمي والعمالة وثورة 25 يناير
يصرّح المؤلف بان الجماعة من حيث هيكلها التنظيمي تنقسم إلى عدة أقسام، فالإخواني يعمل من خلال منطقته، والقسم الذي ينتمي إليه، كالطلبة والمهنيين، أساتذة الجامعة، الدعوة، الأخوات، إلا أن هناك أقساماً كانت بعيدة عن أفراد الجماعة، كقسم الوحدات، وهو الخاص بأفراد الجيش والشرطة.
ويسترسل الكاتب كعادته، ويتعثر السرد في بلاغة مفرطة، كعادة العنعنة التي أدمنوها، ليكشف أن الكثير من أفراد الجماعة كانوا عملاء لجهاز أمن الدولة، لكن ما الجديد في ذلك؟!
إلا أن المؤلف كعادته يُناقض نفسه، ويريد أن يثبت وجهة نظرنا بأن كتابه بالكامل ترويج وترويع للجماعة ومنها، فيذكر أن قسم الوحدات، الخاص بأفراد الجيش، هو مَن قام بحماية ثورة 25 يناير، حينما نزل الجيش إلى ميدان التحرير وتحالف تحالفه ــ الكاريكاتوري ــ مع الشعب، وبالتالي .. فتصريحات "عصام العريان" بأن الإخوان كانوا مع الثورة من بدايتها هي تصريحات صحيحة!
الخلاصة ...
التناقض الصارخ في صفحات الكتاب يفضح صاحبه، بداية من كونه ضحية البراءة التي يتنفسها، وهذا هو عيبه الوحيد، وأنه انفصل عن الجماعة، حينما دب فيها الفساد وحادت عن أفكار مؤسسها حسن البنا، رغم كون البنا رأى ضرورة خلق جناح مسلح لفرض أفكار الجماعة بالقوة، وكان مثله الأعلى الكيان الذي أسسه سعود، بمشاركة محمد بن عبد الوهاب ورفاقه. وشعار الجماعة الذي ارتضاه البنا خير دليل، فلن تنتشر تعاليم الجماعة إلا من خلال القرآن الذي يحميه سيفان يكادا أن يتعانقان، وهو الشبيه إلى حد كبير بشعار الكيان السعودي!
الأمر الآخر .. هو العلاقة الوثيقة بين الجماعة وأميركا، وأن التخطيط لحكم مصر كان منذ زمن، وتم برعاية أميركية، وبالتالي لا أمل في الخلاص من حكم الجماعة، وهي فكرة ترهيبية لخصوم الجماعة داخل مصر، أكثر منها كشفاً لحقيقة بات يعرفها الجميع.
الأمر الأخير .. أن الجيش في قطاع كبير منه ينتمي للجماعة، وبالتالي اللجوء للجيش يعد أحد الأوهام الكبرى التي يعيشها البعض، هذا الجيش الذي لولاه لفشلت ثورة يناير ــ حسب ادعاء الخرباوي ــ فالجماعة إذن هي مَن قامت بالدور الحاسم، وفق ما يُسمى بالكتلة الحرجة، المتمثلة في الجيش.
هذا ما يريد الخرباوي تصديره، رغم خطابه الزائف بأنه منفصل عن الكيان الإخواني، وأنه كاشف وفاضح لسياساته ومخططاته.
والرد الوحيد على مثل هذه الأصوات التي ينتمي إليها سواء الخرباوي، أو رئيسه المُنتَظر عبد المنعم أبو الفتوح إن فلح، بأن الشعب المصري ليس كيان الإخوان، وأن الإخوان مجرد كيان دموي، لا يختلف أبداً عن كيان آخر يسمى بالـ "كيان الصهيوني"، وإن غداً لناظره قريب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق