أفراح
العَجَزة
بعد لحظات من الإعلان عن اسم الفيلم الفائز بسعفة مهرجان
كان، والتي حازها الفيلم الفرنسي "حياة أديل" للمخرج "عبد اللطيف
كشيش"، حتى انهالت التعليقات وتبادل التهاني بحجة أن مخرج الفيلم تونسي
الأصل.
ورغم كون الرجل فرنسي الجنسية، ولم يلفت الانتباه إلى جنسيته
الأصلية سوى اسمه، إلا أن العرب كعاداتهم يتباهون بكل ما يفتقدونه، ويحاولون في استماته
التمسح به.
وسمة التفاخر الوهمي هذه ليست غريبة عن المجتمعات
العربية، بل سمة أصلية في سلوكهم ومخيلاتهم. إلا أن المُضحك في الأمر هو موضوع
الفيلم الذي يتباهون به وبمخرجه الذي أدركته عروبة إخوانه فجأة، ويريدون إلصاقها
به رغماً عنه.
فالفيلم يحكي ــ حسب وكالات الأنباء التي أعلنت عن خبر
فوزه ــ عن صداقة وعلاقة حميمة بين فتاتين. وهو أمر من المفترض أن يكون مُحرّماً
في معتقد وعُرف المجتمعات العربية، رغم وجود هذه العلاقات فعلياً وانتشارها ضمن
المسكوت عنه في هذه المجتمعات.
تدارك البعض الأمر بعد التهليل الأولي للأصل العربي الذي
يجمعهم والمخرج الفرنسي، وبدأ المتراجعون يصفون المخرج وفيلمه وصولاً إلى المهرجان
بالانحلال، مُصدّرين معيارهم ووازعهم الأخلاقي كلما فتحوا عيونهم على عجزهم وضحالة
موهبتهم وانعدام خيالهم.
فالمعيار الأخلاقي في الفن سقط مع العصور الوسطى، التي
لم يزل يحيا العرب في ظلها، ولا أدل من ذلك على تباهيهم المزمن بعصور زاهية ــ من
وجهة نظرهم ــ كانت ولن تعود، واستعادة تواريخ منسية مشكوك دوماً في مَن سَطَرَها،
لم يبق لهم سوى البكاء على الأطلال، والتاريخ يشهد لهم بذلك، وما أفراحهم المزعومة
إلا صورة أخرى تثير الرثاء أكثر مما تثير السخرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق