إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، يونيو 18، 2013

عالم متأسلم يبحث عن هويته الضائعة


في مسلسل الهويات الضائعة، وهي حالة تنتاب جماعة ما تأكد يقينها أنها أصبحت خارج مدار الزمن، لكنها تحاول التحايل على هذا الوضع بتثبيت مظاهرها أكثر وأكثر، كمحاولات يائسة وبائسة، دلالة على وجودها المزعوم. من هذه الحالة تطالعنا محاولات المتأسلمين المستميتة، دلالة على أنهم لم يصبحوا بعد زائدين عن الحاجة، أو خارج نطاق الخدمة. ففي الشرق تتأكد هذه الحالة من خلال الخطاب المتشنج والصوت المرتفع، وصولاً لاستخدام قوة السلاح، لإجبار الآخرين الاعتراف بهم، أما الغرب فتتم فيه صياغة الوضع الوهمي من خلال مفردات أخرى أخف وأرهف، بما يجنبهم التصادم والعقلية الغربية، والسلوك الغربي الذي يعده المتأسلمون في الغالب من سلوك الشيطان، وفي أفضل الأحوال اختباراً إلهياً على قوة الصبر والتحمّل لدى المتأسلم، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا.

المزاد الحلال
كل شيء يحتاجه المسلم الملتزم، من الحجاب حسب آخر صيحات الموضة، إلى الساعات البلاستيكية المنبِّهة، المزوَّدة بخاصية رفع آذان الصلاة في موعدها، وصولاً إلى سجادة الصلاة المزودة ببوصلة تدل صاحبها على اتجاه القِبلة.
فتحت شعار
"كلّ ما يريده المسلم وأكثر" نجد هذه المعروضات خلال موقع Selisha.de وهو الموقع الأول من نوعه في العالم، للمزادات العلنية على شبكة الإنترنت، الذي يُسوّق لمنتجات تهم المسلمين في كل مكان. قام بإنشاء الموقع طالب عراقي الأصل، مقيم بمدينة هامبورغ الألمانية، اسمه سليم رايض. كانت حجته أن ما يريده المسلم في ألمانيا، والدول الأوروبية بوجه عام من الصعب الحصول عليه كسجادة الصلاة وما شابه من الأشياء المتصلة بالعقيدة وطقوسها، لذلك كان لابد من الطابع الخاص للموقع، بداية من الترحيب بالزوار وعمليات البحث، إذ يتم الترحيب بالزوار بعبارة "السلام عليكم" كما يبدأ البحث "بالبسملة".
 

بما لا يُخالف الشريعة
بخلاف المنتجات المتصلة بالعقيدة، يتم أيضاً تداول المنتجات الخاصة، كالملابس الداخلية، لكن المختلف هنا أنه يتم عرضها بطريقة لائقة، لا تخالف الشريعة، ذلك باستخدام الدمى البلاستيكية المتواضعة بدلاً من استخدام عارضات الأزياء المحرَّم في الإسلام. وعن ذلك تقول إحدى زبائن الموقع "أجد ذلك جيداً كوني مسلمة متديّنة، بالإضافة إلى أنَني أستطيع شراء مثل هذه الأشياء الخاصة بسهولة من خلال الإنترنت ومن دون أن أضطر إلى مغادرة البيت، وهكذا لا أحد يراني عند شرائي هذه الأشياء"!

الحجاب مع القليل من كشف الساق
الحداثة أمر مُشوِّش لعقلية المتأسلم، وبإعادة صياغة عبارة "جوبلز" فإن المتأسلم كلما سمع كلمة "حداثة" تحسس سلاحه. لكن هناك فئة أخرى تريد مد الجسر بين التأسلم كهوية والحداثة كطريقة حياة، وهذه الفئة بالطبع يلعنها الأصوليون، ويرونها من الفئات الضالة التي كثرت هذه الأيام.
تأتي الحداثة هنا من تركيا، عن طريق مجلة للموضه اسمها "آلاء"، تقيم توازناً مرهفاً بين الحجاب التقليدي والتنانير القصيرة والشعر الطليق، لذا تصبح الملابس ممثلة لمأزق حضاري ملفت فالإيشارب الحريري، الذي تفرّ منه خصلة الشعر المصبوغ رغماً عنها، لا يتنافى مع بلوزة شبه فضفاضة، وبنطلون جينز ضيق يوضّح تفاصيل ساق صاحبته، والانتهاء بحذاء ذي كعب عال على الموضة.
 

كما أن العارضات على غلاف المجلة لا يعرضن فقط أحدث تصميمات الحجاب، بل يعرضن كذلك أيضا تنانير رسمية ضيقة وسترات جلدية تبرز تفاصيل أجسادهن.
وفي أطروحة للدكتوراة حول موضة الحجاب، تقول باحثة تركية ــ مغنية راب سابقة ــ "إن هذه الموضة المكوَّنة من ملابس أنثوية للغاية ومن الحجاب تشكِّل ظاهرة تزداد شعبيتها باستمرار في أوساط النساء التركيات، فالنساء يردن من خلال ذلك التعبير عن انتمائهن المزدوج، انتماء للتقاليد والحداثة".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق